الأحد، 23 نوفمبر 2014

بحوث تسويق

عملت بعد تخرجى بفترة بسيطة فى مهمة لها علاقة بالبحوث التسويقية، وكانت الامور تسير بملل شديد، كنت أفرّغ نتائج استبيانات تجريها دار نشر كبرى على قراءها، والآن برنامج الكترونى يستطيع ان يفعل دورى. مع دراستى للتسويق وتعمقى فيه وجدت انك عندما تكون داخل هذا المطبخ التسويقى، اى انك مثلاً تفرغ بيانات ونتائج استقصاءات يكون الامر ممل، ولكن عندما تراه من الخارج، وتبدأ فى تحليل النتائج تشعر بنشوة تسويقية مذهلة، لانك تعلم انك تعلم مالا يعلمه الكثير، وانك غالباً سوف تسير على الطريق الصحيح.
 
قبل ان اريك رأيى فى جزء بحوث التسويق، يجب فقط ان تعرف ان هناك مظلة اكبر اسمها بحث السوق، ويقع تحتها ادارات مثل البحث والتطوير، والاستخبارات التسويقية، نظم ادارة البيانات.. الخ. من ضمن هذه القطاعات او الادارات التى تكمن تحت مظلة بحث السوق هو البحث التسويقى.
 
للتعرف اكثر على الفرق بين بحث السوق والبحث التسويقى .. راجع هذه التدوينة.
 
المهم الآن اريدك ان تعرف أن بحث التسويق هو الجندى المجهول للتسويق، لقد ذكرت هذه القصة كثيراً، وساخبرك بها مرة اخرى.
 
كنت فى مقابلة عمل مع مؤسس لمركز تدريب، وطلب منى ان اكون متخصص التسويق للمكان، هذا المدير حتى الآن احترم خبرته جداً وهو من اذكى من قابلت، وهو بالمناسبة مدير (مصرى) فى مايكروسوفت فى بريطانيا، ولك ان تتخيل خبرته وقوته فى المجال. عموماً طلبت منه قبل البدأ فى أى شئ ان نجرى بحث تسويقى لاعرف ماهى الكورسات المطلوبة فى السوق. قال لى انه لايملك رفاهية – Luxury هذا الامر، هو اتفق على البرامج وانتهى الامر!
 
لا تستغرب من ردة فعل هذا الخبير، فمثله الكثير، وبالطبع اثبتت الايام وجهة نظرى، وهو عانى بشدة مع هذه البرامج الجاهزة، ولم يستطيع ان يحقق مبيعات جيدة، الامر بسيط، لقد اهمل اول خطوة على طريق النجاح.
 
دعك من اهمية بحوث التسويق الآن فانت على ما اعتقد تعرفها جيداً، لكن ما هى شخصية من يعمل فى بحوث التسويق؟
 
اذا لاحظت الاسئلة فى التدوينةالسابقة، ستجد انى اريد ان اصل لطبيعة الشخص التسويقى، واذا عرفت انه هادئ صبور، محب للتحليل والتدقيق، فغالباً ارشح له هذا المجال.
 
الابحاث التسويقية هى شئ لن تفهمه اذا لم تمتلك الصبر، واذا فهمته لن تستطيع العمل به، الصبر هو المفتاح، لان الشركات الكبرى تصبر على بحوثها التسويقية ربما سنين، وفى النهاية ربما تكون النتيجة عدم دخول السوق!
 
 
 
بالنسبة للمهارات الفنية لمن يعمل فى بحوث التسويق، فهناك شقين للبحوث التسويقية، اولها شق يتعلق بالارقام وتحليلها، مثلاً كيف تحدد العينة، وطريقة حسابها وتحليل النتائج، والافراد الخريجّين من كليات وأقسام الاحصاء يعملون فى هذا الجزء من التسويق.
 
هناك شق آخر من الامر، وهو التخطيط للخطة البحثية، وتحليل النتائج فى منظور تسويقى، وهذا الشق الكيفى يعمل فيه اى خبير فى التسويق طالما فهم اهمية البحث التسويقى، وحدد نتائجه بدقة.
 
بما ان البحث التسويقى هو الجندى المجهول كما أخبرتك من قبل، فكثير جداً، ان لم يكن اغلب الشركات لا يهتم به، لأنك كما تعلم التسويق عموماً مازال غريب علينا كعرب، وعلى الرغم من ذلك بدأت تنتشر وكالات ومكاتب البحوث التسويقية.
 
فقط معلومة على الهامش وهى ان اكثر من يملك مكاتب الابحاث التسويقية هم اساتذة ودكاترة الجامعات، لاننا فى الجامعة كنا نسير على خطا محددة لكى تكمل بحثك العلمى، افتراضات ثم اختيار عينة، وتكوين استقصاءات، ثم اختبار العينة وتحليل النتائج. هل يشبه الامر شئ تعرفه؟ نعم انها تقريباً نفس خطوات البحث التسويقى، وبالتالى فمن هو خبير بالبحوث العلمية خاصة بحوث الدكتوراه والماجستير سوف يكون مؤهل غالباً لبحوث التسويق، وهذا يعطيك التفسير.

المنتجات

نعود إلى حروب التوزيع.. سأعطيك اليوم بعض من أسرار التوزيع الهامة لكى تسيطر على قنوات التوزيع. ببساطة شديدة فالتوزيع هو حرب بين الشركات، ولكى تفوز فى هذه الحرب التسويقية الشرسة عليك ب وضع استراتيجية للوصول إلى منافذ توزيعية أكثر لكى تستطيع الوصول الى المشترى النهائى، اما المعضلة الثانية التى يجب عليك تجاوزها هى وضع استراتيجية تسويقية توزيعية من أجل اقناع منافذ التوزيع والبيع بوضع منتجاتك على رفوفهم التوزيعية.

·         ملاحظة سريعةهذه الحرب التوزيعية والتى يجب ان تفوز فيها الشركات برفوف توزيعية اكثر من المنافسين تجدها شرسة فى مجالات مثل مجال المنتجات سريعة الاستهلاك – FMCG مثل الاغذية والمشروبات، وايضاً الشركات التى تركز فى مزيجها التسويقى على التوزيع بكثافة، وعلى النقيض سوف تجد بعض الشركات فى بعض المجالات التى لا تركز فى حروب التوزيع مثل مرسيدس مثلاً، فالمشترين هم من يذهبون اليها وليس العكس، وتجد عموماً هذا الامر مع المنتجات التى تلجأ لحفظ صورتها فى السوق عن طريق الاعتماد على منافذ توزيع منتقاة بعناية – Selective Distribution، أو منافذ توزيع توزّع منتجات الشركة ب شكل حصرى – Exclusive Distribution .
 
 

ما أتكلم عنه اليوم هو كيف تقنع منفذ البيع والتوزيع ببيع منتجاتك، وذلك فى حرب شرسة مع منافسينك الذين يريدون هم الآخرين السيطرة على نفس منافذ التوزيع والبيع. دعنا نفترض ان منافذ التوزيع والبيع هنا هى متاجر التجزئة - Retailers المعروفة الشهيرة مثل الاكشاك –Kiosks، والمتاجر والمتاجر الكبيرة – Supermarkets، و المتاجر العملاقة – Hypermarkets.

لن أستطيع أن أعطيك الآن كل المفاتيح التى تلجأ اليها الشركات من أجل إقناع منافذ البيع والتوزيع من اجل الحصول على الرفوف التوزيعية، فالموضوع أكبر وأكثر تعقيداً،  ولكن سأخبرك بأهم وأشهر هذه المفاتيح:

1-     عروض البيع التجارية – Trade Sales Promotion Tools:
 
لا يوجد تاجر تجزئة فى العالم يريد ان يخسر، بل دعنى اقولها لك بشكل أكثر وضوحاً ودقة .. لا يوجد تاجر تجزئة فى العالم لا يريد ان يكسب أكثر، ويحقق أعلى قدر من الربحية.

يجب ان تعمل الشركات على هذه النقطة بشكل مكثف، بإعطاء تاجر التجزئة مجموعة من عروض البيع التجارية القوية التى ينتظرها. فى رأيك.. انت تاجر تجزئة تبيع للمستهلك النهائى، ماذا تريد من تاجر الجملة؟

بالفعل.. تريد اعطائك خصومات اكبر على سعر المنتجات التى توزعها لديك لكى يكون عندك مقدرة اكبر على تحقيق ارباح من البيع بالتجزئة. ببساطة شديدة اذا كان لدىّ شركتين تعرضان منتجاتهم علىّ، وعلىّ ان اقرر اى المنتجين سأختار لأضعهم على رفّى التوزيعى، فطالما انه ليس هناك فارق جوهرى او ميزة خارقة لواحد من المنتجين عن الآخر، فالطبع سأختار منتج الشركة التى تستطيع ان تعطينى خصم اكبر على سعر منتجاتها، وهذا يتيح لى فرص ربح اكبر من الشركة التى تعطينى سعر اكبر، او خصم اصغر لا استطيع الربح منه كما افعل مع الشركة الأولى.

ليس فقط لعبة الخصومات هى ما تركّز عليها الشركات، بل ايضاً أدوات السماح – Allowance،مثل ميزة البيع بالآجل – Sales on Credit. هذه الاداة تحتاجها جداً معظم منافذ التجزئة التقليدية، لانهم فى البداية لا يملكون سيولة – Cash لدفع ثمن المنتجات التى يضعونها على رفوفهم التوزيعية، وهم ليسوا منتج او اثنين ولكنهم كثير كما تلاحظ فى هذه المتاجر، وبالتالى فميزة الدفع بعد فترة، وهذه الفترة ربما تكون بعد ان يبيع بالفعل المتجر كثير من هذه المنتجات ويحصل على السيولة، هذه الميزة يحترمها جداً متجر التوزيع، وهى لا تقل ابداً أهمية عن ميزة الخصومات التى تعطيها له الشركة ليربح من خلالها.

تريد سر من أسرار نجاح الشركات الكبرى فى الأسواق التى تركّز على التوزيع، وفشل الشركات صاحبة الامكانيات المحدودة؟ اقرأ مرة اخرى ما سبق.. لتكتشف ان الشركات التى تستطيع ان تعطى متاجر التجزئة خصومات كبيرة يربح منها فى مقابل خصومات اقل للمنافسين، ونفس هذه الشركات التى تستطيع الصبر على منافذ التجزئة لتحصل على أموالها بعد فترة.. هذه الشركات هى الشركات الكبرى ذات الامكانيات والموارد المالية الضخمة فى السوق، بهذه الموارد والامكانيات التوزيعية وتطبيق استراتيجية الخصومات والبيع بالآجل تستطيع السيطرة على منافذ التوزيع والتجزئة وبالتالى على الأسواق عموماً.

2-     المنتج – Product:

هل تصدق هذا؟! المنتج نفسه وكفاءته وتغليفه الانيق المبهر يجذب منافذ التجزئة بالفعل. هل تعلم لماذا؟

ببساطة لأن تاجر التجزئة ماهو الا مشترى ايضاً، ويريد ان يشترى الافضل، ولذلك فهو يقارن المنتجات طبقاً لخصائصها وفوائدها، وشكلها ولونها وتغليفها. نفس فكرة المشترى النهائى الذى يشترى منتج جيد فى مقابل أمواله المدفوعة.

ثانى سبب انه يجب ان يضع نفسه فى مكان المشترى النهائى لكى يستطيع ان يبيع له، فهو يفكر تماماً كما يفكر المشترى النهائى، وينتقى المنتجات التى يريدها المستهلك باستمرار، او يتوقع ان يريدها هذا المستهلك. لذلك على الشركات ايضاً ان تعامل متاجر التجزئة معاملة المشترى النهائى، يجب ان تشرح له المنتج ومزاياه التنافسية لكى يقتنع به ويوفر له مساحات توزيعية.

3-     خط المنتجات – Product line:

ما أروع هذه الخدعة التسويقية! افترض ان تاجر التجزئة وجد امامه شركتين هما هينكل –Henkel، والتى تنتج مسحوق التنظيف برسيل – Persil، وشركة بروكتر آند جامبل – P&G، و التى تنتج مساحيق تنظيف كثيرة بأسماء مختلفة وتعرض على هذه التاجر مسحوقين هما آريال – Ariel، و تايد - Tide أو  بونكس – Bonux

لأن تاجر التجزئة يريد وضع اكبر تشكيلة ممكنة من المنتجات امام المشترين لاشباع كل الاحتياجات والرغبات المختلفة لهم، فسيختار ثلث الرف التوزيعى للمنتج الاول وهو برسيل، والثلث الثانى لمنتج آخر هو آريال، والثلث الأخير لمنتج ثالث هو بونكس. فى الإجمالى سيطرت بى آند جى على ثلثى الرف التوزيعى و سيطرت هينكل على ثلث واحد فقط!! راجع تدوينة حروب خطوط المنتجات.